قصص الصحابة
بينما الصحابة جلوس مع رسول الله إذا به يضحك حتى بدت ثناياه ، فقال له عمر: بأبي أنت وأمي يارسول الله مايضحكك ؟
قال
رسول الله :رجلان من أمتي جثيا بين يدي رب العزة ، فقال أحدهما : يارب خذ
لي مظلمتي من أخي . فقال الله للظالم : أعط أخاك مظلمته ، فقال : يارب ،
وكيف أصنع ، ولم يبق من حسناتي شيء ؟
فقال الله سبحانه وتعالى للطالب : وكيف تصنع بأخيك، ولم يبق من حسناته شيء ؟ قال يأخذ من سيئاتي .
ففاضت عينا رسول الله بالبكاء ، وقال : إن ذلك ليوم عظيم يحتاج الناس فيه لأن يحمل من خطاياهم .
فقال
الله للطالب : ارفع رأسك فانظر ؛ فرفع رأسه ، فقال : يارب أرى مدائن من
فضة ، وقصوراً من ذهب ، لأي نبي هذا ؟ ولأي صدِّيق هذا ؟ ولأي شهيد هذا ؟
قال : لمن يدفع الثمن .
قال : ومن يقدر على ذلك ؟
قال الله : أنت تقدر على ذلك !!
قال : بماذا ؟!!
قال : بعفوك عن أخيك .
قال : قد عفوت عنه .
ثم قال رسول الله : أيها الناس ، اتقوا الله ، وأصلحوا ذات بينكم ؛ فإن الله يصلح بين المؤمنين .
2/
وهذا
أبو بكر الصديق قبل مبايعته إماما للمسلمين، وخليفة لرسول الله يواظب على
خدمات جليلة لجيرانه ، فكان يذهب إلى بيوت العجزة واليتامى والضعفاء ،
وغيرهم ممن مات عائلوهم أو استشهدوا في سبيل الله .. فيحلب أغنامهم كرماً
منه ، ويعجن خبزهم رأفة بهم ، فلما صار خليفة وإماماً ، خشي هؤلاء أن
يحرموا من عطف وخدمات أبي بكر لهم .. فلقد سمع إحدى الأرامل تقول : اليوم
لاتحلب لنا شاة .
فقال : بل لعمري لأحلبنها لكم ، وأسرع يقرع الباب، وتفتحه فتاة صغيرة لاتكاد تراه حتى تصيح : حالب الشاة ياأماه .
ولهذا فقد أعطاه الرسول حقه حين قال : أرحم أمتي بأمتي أبوبكر .
3/
كان
سعد السلمي ممن حسن إسلامه ، وكان عبداً أسود، ذهب إلى المسجد؛ فصلى ،
وجلس إلى رسول الله وقد اجتمع حوله الناس ؛ يستمعون إليه ، ويسألونه في
أمور دينهم ودنياهم ، فقام سعد فقال : أيمنع سوادي ودمامتي من دخول الجنة ؟
فقال له الرسول : لا ، والذي نفسي بيده ، مااتقيت ربك ، وآمنت بما جاء به رسوله .
قال : قد شهدت أنه لاإله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله ، وشهدت المشاهد كلها مجاهداً في سبيل الله ، فما لي يارسول الله ؟
قال لك ما للقوم ، وعليك ماعليهم ، وأنت أخوهم .
فقال سعد : قد خطبت إلى عامة من بحضرتك ، ومن ليس عندك فردوني لسوادي ودمامة وجهي ، وإني لفي حسب من قومي بني سليم .
فقال له الرسول : اذهب إلى عمرو بن وهب ؛ فاقرع الباب ، وسلم ، فإذا دخلت عليهم فقل : زوجني نبي الله من فتاتكم .
ومضى
سعد إلى حيث أمره رسول الله ؛ فدق الباب ففتحوا له ، فحياهم وقال: إني
وافد من عند رسول الله ، وهو يقول لكم : إنه قد زوجني من فتاتكم.
فرد
عليه عمرو رداً قبيحاً ؛ فخرج سعد عائداً إلى رسول الله ، وكانت الفتاة
تسمع الحديث من وراء حجاب، فخرجت من خدرها ونادت سعداً قائلة : يا عبدالله ،
ارجع فإن يكن نبي الله زوجك، فقد رضيت لنفسي ما رضي الله ورسوله .
وتوقف سعد لحظه ، ولكنه أدرك أن الفتاة لا تملك أمرها في وجود أبيها ، فلم يرجع ، ومضى في سبيله .
فقالت
الفتاة لأبيها : أسرع يا أبي إلى رسول الله ، فاستجب لما دعاك إليه قبل أن
ينزل عليه وحي يفضحك بين العرب ، فالله سبحانه وتعالى يقول :?"وما كان
لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم?" ،
فرأى الرجل أن ابنته أرشد منه رأياً في هذا الأمر فخرج لساعته قاصداً رسول
الله فأخبره ، فلما جاء عمرو سأله لماذا رد سعداً ولم يقبله زوجاً لفتاته ؟
قال مارددته ولكني حسبته غير صادق في مقالته ، فجئت أستوثق للأمر من رسول الله ، وإني لأعلن أنا قد زوجناه إياها .
فبارك رسول الله هذا الزواج ، وقال لسعد : ( اذهب إلى صاحبتك فادخل بـها ) .
فسر
بذلك سروراً عظيماً ، وذهب فرحاً إلى السوق ليشتري لعروسه ، ولنفسه متاع
الزواج استعداداً للدخول بها، فسمع وهو في السوق منادياً ينادي : ياخيل
الله ، اركبي وبالجنة أبشري ، وكان هذا دعوة إلى القتال دفاعاً عن الإسلام
وجهاداً في سبيل الله ، فلم يتردد أن يدع ما كان يريد من متاع العروس
متحولاً إلى سوق الخيل والسلاح ، فاشترى بما معه فرساً وسيفاً ورمحاً ،
ولحق بإخوانه المجاهدين، فدخل معهم في قتال المشركين ، فقاتل فارساً ثم
راجلاً ، حتى صرع . فأتاه رسول الله فوضع رأسه في حجره ، وأرسل سلاحه ،
وفرسه إلى زوجته، وقال : (قولوا لهم قد زوجه الله خيراً من فتاتكم وهذا
ميراثه ) ، ثم تلا قول الله تعالى :"? إن المتقين في مقام أمين في جنات
وعيون يلبسون من سندس وإستبرق متقابلين كذلك وزوجناهم بحور عين" .